الجمعة، 1 أغسطس 2014

ما لمْ تذكُرْهُ وكالاتُ الأنباء

 
ثمة ما لم تذكُرْهُ وكالاتُ الأنباءِ يا غودو
النحلةُ التيْ نجتْ منَ القصف
ثمَّ حطَّتْ على كفِّكَ
ليغلبَها النعاسُ إلى الأبدْ

الجنودُ الذين بأحذيتِهِمْ هزوا الشِّعابْ
كانوا يحلمونَ بنسائهمْ
من بين عشبٍ غطَّوا بهِ خوذاتِهِمْ
نبتتْ ذاكراتُهم كالورود
فامتصَّتِ النحلةُ رحيقها
لم يظلَّ من الجنودِ سوى خلايا عسلٍ لها شكلُ الأرحامِ
في كهوفِ الزمنْ


منذ قرونٍ والنحلةُ شامَةٌ هائمةٌ على أكتافِ الجبالْ
تمتصُّ مناديلَ مبتلَّةً ببُحَّةِ القطاراتْ
عجَلاتٌ تدهسُ الحروبَ
والنحلةُ غارقةٌ في صداها

هيَ كانت مطرةً قبل أن تصبحَ نحلة
اسألِ السماءَ عن بطنها الغارقِ بالملحْ
وعن عيونها المغطاةِ بزرقةِ البداياتْ
يا غودو: على كفِّكَ مطرةٌ بجناحَينْ!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النهار (الملحق)
2014/08/02

صيفٌ هندي

 
تاجُ محلَّ يموجُ في المرآة
وفي الكفِّ السمراءِ مشطُ الصدفة
 
لكِ وشمُ وردةٍ على الماءِ
وليْ إسمُكِ مطبوعاً في باطنِ كفِّيْ
كلما كبَّلنيْ غيابكِ أحرِّكُ قبضتيْ
فيكلِّمنيْ بفمِ الأوركيدا
إسمُكِ شمسٌ تدورُ بأيدي بوذا الكثيرة
 
في الغربَةِ لا يُعرفُ الهنديُّ بوجهه
بل بخاتمٍ فضِّيٍّ
أضاءتهُ نظرةُ راقصة (الأوديسي)
كانَ صوتُها شمعةً على زورقٍ ورقيٍ
في ليلِ عيد (ديْوالي)
قلبانِ أشعلا شرارتِ العيدْ
 
ضفيرَةٌ معلَّقَةٌ على الجدار
هي ما ظلَّ لهُ منْ بلادْ
 
في هذا الصيفِ الهنديّ
الراقصةُ بأثوابِهَا تُغطِّيْ السماءْ
ضوءٌ حادٍّ يخِزُ قلبَ عصفورٍ
كلما فاحتْ لهجةُ الهنديِّ بتوابِلِ الذاكرة
 
كفُّهُ السمراءُ تمسحُ وجهيْ بالكحولِ ولوعةِ النايْ
والمرآةُ أماميْ تاجُ محلْ
الحلاقُ الهنديُّ في باريسَ قصَّ شَعرَ المسافاتْ
ولمْ ينتبهُ إلى جرحٍ في قلبيْ
بحجمِ خاتَمِهِ الفضِّيْ
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عمر يوسف سليمان
موقع (كيكا)
2014/07/24

الجمعة، 27 يونيو 2014

المنفيُّ قلبه ثقبٌ أسود

أورو واحد

ما معي غير أورو واحد
على حوافِّهِ محفورةٌ دموعُ عاملٍ صينيٍ
بغتةً رأى عمرَهُ شبحاً معدنيَّاً
ينصهر بين آلات النقود...

ليخرج مطبوعاً على الكلمة الفضِّية: حرِّيـــة

ماذا أشتري وأنا يلزمني أكثر من كلِّ شيء؟
فنجان قهوة!
أدسّ الأورو في يد النادلِ ولا أسترجع الباقي
كما يليق بشمسٍ
لا تغطس إلا كاملةً في زاوية النافذة
لا تقلقْ يا غد
المجرَّة أذُنُ الفنجانِ بين أصابعي
لا تقلقي يا هذه القصيدة
قد انتهت معاركنا فوق بياض الورق
فالنادل بعصبيَّةِ محاربٍ مهزوم
يطلق رصاصة الطرد المهذَبة:
شيءٌ آخر أستاذ؟

بينما ينتزع الفنجانَ الفارغ
ألمح دموع العامل الصينيِ وقد غادَرَتِ الأورو
تلتفّ حول خطوط كفِّه.

* * *

بينيَّات

عندما أسقطتِ الريحُ فستانَكِ عن حبل الغسيل
ارتجف البناء المقابل
فقد رأى نافذة بيتنا عارية

عندما أسقطتِ القذيفةُ البناءَ لم يرتجفْ أحد

نحتاج إلى أن نقهقه
لكي لا نسمع الأصوات تحت الأنقاض

نحتاج إلى أن نقيم بين المواقع الإلكترونية
لكي لا نرى حولنا أطنان الفراغ

كلما صحونا نتساءل: متى وكيف نمنا؟

نمشي على خيوطٍ كهربائية في الصباح الرمادي
أعضاؤنا موزّعةٌ بينَ لسانَين
بين بلاد المنافي وبلادنا المنفيّة
بينَ أسنان الظلام وفاكهة الضوء
بين أعراس جهنَّم والقمح الأسوَد

نحن أهل الـ"بَين"
نتناول الأحاديث
كما يتناول طفلٌ مترفٌ عضَّةً من كلّ تفاحة

لدينا قصائدُ غير مكتملة
موتٌ غيرُ مكتمل
فوضى مرتّبة
وورودٌ لا تتفتَّح ولا تذبل

نحن أبناء الثنائيات
كلما نظرنا إلى السماء بنصف عيوننا
نرى نصفَ حياة
تشبه غراباً يافعاً.

* * *

المنفيُّ قلبُهُ ثُقبٌ أسود

مستلقٍ على العشبِ كريشِ حمامةٍ أكلها الجوع
قربهُ نافورةٌ تحوطها رؤوسُ سِبَاعٍ منحوتةٌ من أفكاره
رذاذُها على جُرحِهِ ما نَفَرَ من رمانةٍ كان قد شقَّفها طفلاً
رذاذُها دمعُ جحيمٍ
يتسكّع في هذه الجنَّة العائمة على جثَّة الأبجدية
هو في حديقةِ المنفى وبلادُهُ الزائلة به تطفو كصوتٍ قادمٍ من بئر
المنفيُّ قلبُهُ ثُقبٌ أسود يقوِّس أضواءَ العالم
ثقبٌ على وشكِ الانفجارِ العظيم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عمر يوسف سليمان

جريدة النهار 28 حزيران 2014

الأحد، 15 يونيو 2014

كطائرينِ لم يغوهما عُش

نعيشُ الحبَّ هذا النهارْ
لا غيومَ ذئبيةً سوداءَ تدفعها أشباحُ السماءِ
ولا دمَ ينفُرُ حسبَ رعدِ الطائراتْ
هذا النهارُ: بخارُ سعادةٍ شفيفةٍ
يلوْحُ فوقَ العشبْ
حنينٌ مُكَثَّفٌ للشهوة
وشمسٌ حنونةٌ مثلَ بطنِكْ

نعيشُ الحبَّ
فقطْ لأنَّ حائطاً أبيضَ
يتجوَّلُ في هواءِ هذه المدينة
حائطٌ كانَ يمسكُ طوقَ تينٍ يابسٍ
كسبحةِ الأولياءِ
فيْ مدينتيْ الـ زالَتْ

ولأنَّ طريقاً ضيقاً هنا
لا يفضيْ بيْ إلى غيرِ رائحةِ الأراكيلِ
وقهوةِ العصرِ
وصمتِ الهيلِ
في نظرةِ أمِّيْ هناكْ

هذا النهارُ بذورُ أبجدية
حملتْهَا الريحُ من الشرقْ
رائحةُ التمرِ فوقَ أصابِعِكْ
دمْعُ فرحٍ تلمعُ فيه الحضاراتُ
كما يلمعُ قلبيْ في شامةِ كِتْفِكْ

كطائرينِ لم يغوِهِمَا العشُّ
بل شرارةُ الصدفة العظيمة
نعيشُ الحبَّ ونفترقْ
بلا ذنوبٍ ولا أضاحيْ
تماماً كما يليقُ بهذا النهارِ الفسيحْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عمر يوسف سليمان

القدس العربي:
http://www.alquds.co.uk/?p=178943

الجمعة، 30 مايو 2014

صدور ديوان "الموتُ لا يُغوي السكارى" للشاعر السوري عمر يوسف سليمان

جريدة إيلاف

صدر عن دار (لوراي دو لو)-باريس ديوان ثنائي اللغة (بالعربية والفرنسية) للشاعر السوري عمر يوسف سليمان تحت عنوان "الموتُ لا يُغوي السُّكارى"، وقد احتوى أربعاً وعشرين قصيدة متفاوتة الطول وقعت في 106 صفحة من القطع المتوسط.
تحضر في الديوان مفردات الموت والحب والحرب والمنفى، في محاكاة لما خلفته المأساة السورية من شتات على الصعيدين الداخلي والخارجي.
قام بالترجمة إلى الفرنسية كلٌ من المترجم ليونيل دوناديو، والشاعرة السورية عائشة أرناؤوط، والشاعر المغربي طاهر البكري.
من أجواء الديوان:
(كم كانَ جميلاً أني قطعتُ (شارعَ الموتْ)!
كانتِ الحياةُ كفَّ طفلةٍ تلوِّحُ في الجهةِ المقابلة
قرأتُ فيهِ ما مرَّ من حياتيْ
فلم يكن سوى تمرينٍ على ما سأعيشُهُ حقاً

كم جميلٌ أنَّ أحداً لم يبكِ في تلكَ الظهيرة
فالمُمدَّدُ كانَ مجهولَ الهوية
شيئاً فشيئاً تبخَّرتْ جثته
ثمَّ تشكَّلَتْ غيمةً حول الكاميرا في يديْ
فلم ألتقط سوى بطاقتِهِ الشخصية: رصاصةٍ فجَّرت رأسه
وبين الرصاصةِ والكاميرا رأيتُ الحياةَ ثوبَ أمي الطويلْ
ذلك الثوبُ الذي كنتُ أستمسكُ بهِ طفلاً
وهيَ تهمُّ بالرحيلْ)
يُذكر أن عمر يوسف سليمان من مواليد سوريا 1987، وقد سبق أن صدر له (ترانيم الفصول) شعر/2006، كما فاز ديوانه (أغمضُ عينيَّ وأمشي) بجائزة الدكتورة سعاد الصباح/ الكويت 2010.

http://www.elaph.com/Web/Culture/2014/5/907937.html

الخميس، 1 مايو 2014

أجمَلُ ما في الإقامةِ السَّفَرْ .. أجمَلُ ما على الماءِ السَّماءْ

1
لدينا الكثيرُ من الخبزِ المقمَّرِ بالضوءْ
فاكهةُ الربيعِ موسيقا على ضفاف الرغباتْ
حُبلى بالعرَقِ الخوابيْ
منها سننجبُ ضحكاتٍ تُحرِّرُ الأرضَ منْ آلهة الشياطينْ
على الجدرانِ الخشبيةِ معلقةٌ نداءاتُ أقدمِ أجدادنا:
ما لم نعشْهُ خبَّأناهُ في ذاكرةِ العنبْ
أفكارُنا يرسمها الضوءُ على رغوةِ كؤوسكمْ
كلما شربتُمْ ستدورُ طواحيننا
مولدةً كهرباءَ الفرحِ العظيمْ

ستةُ أيامٍ للرقصِ على إيقاعِ الكحولِ في العروقْ
للصحوِ على وردةِ الهناءِ التيْ لا يكتملُ تفتُّحُهَا
نهدرُ الوقتَ كما نهدرُ صحتنا بالأراكيلْ
وفي اليومِ السابعِ نرتاحْ
لقد خَلَقنا عالَمَ اللذَّة فينا
وليسقُطِ العالمْ

عندما تغفونَ كأطفالٍ أنهكَ اللعبُ أجفانَهُمْ
أحملُ أحلامَكمْ بيدٍ
وكأسيْ بيدْ
ثم أصعدُ إلى العلِّيةِ مثلَ هواءٍ مُثقَلٍ بالندى
أرى الأضواءَ الممتدَّةَ لامعةً كعيونِ قططٍ شبقة
أعرفها
أعرفُ رائحةَ العشبِ المُبتَلَّةَ بتحديقِ السهولْ
أعرفُ هذه القرى التي لا ترغبُ إلا بِمَؤُوْنَةِ أن تبقى خاليةَ البالْ
أعرفُ غوايةَ انتظارِ الصباحِ
في الظلمةِ الشفيفةِ
على شَعْرِ الأشجارْ
أعرف كلَّ هذا
ولا أعرفُ أينَ أنا
لكننيْ كلما استدرتُ إلى انعكاسِ ظلٍّ غامضٍ على الحائطِ المقمرْ
كلَّما صفَّرَ الزيزُ
أو تناهتْ موسيقا الغجرِ من بعيدٍ
أعرفُ بلاديْ
كلُّ أرْضٍ منَ الأرضِ فيها بلاديْ

22/3/2014
 
2
- فجرٌ أمْ غروبْ؟
- الصمتُ يخيِّمُ على حدودِ الوقتِ مثلَ مهجَّرينْ
ظلالُ غيومٍ رماديَّةٍ هذه المدينة
- فجرٌ أم غروبْ؟
في السادسةِ يمرُّ الضوءُ الغامضُ مثلَ نداءِ النايْ
للشمسِ ما للبندولِ في منتصفِ الساعة
- إذاً ما الوقت؟
- ما تراه يا صاحبيْ
افترضْ أنهُ آخرُ النهارِ
أفترضُ بدايتَهْ
لا فرقْ
في النهايةِ مُطلقُ البداية

في دمشقَ
للَّيلِ فجرٌ كحليٌ
وجهه طفلٌ ينامُ
والبحرُ يهدرُ:
أجمَلُ ما في الإقامةِ السَّفَرْ
أجمَلُ ما على الماءِ السَّماءْ

- نحنُ أينَ؟
- في الشارعْ
- كم الساعة؟
- السادسة
- باريسُ وقتٌ سكرانُ ضيَّعَ ساعتَه
- فلتفترضْ أنَّا هنا
ولأفترضْ أنَّا هناكْ
- وأنَّكَ أنتَ
لا أنا
متماثلةٌ فينا الأماكنُ
والأسماءُ
وأفكارنا ترفضها الجاذبية

خلفَ هذهِ المدينةِ ما يشيْ بتلكْ
خلفَ حدائقها
أشجارُ تينٍ تُطِلُّ على الخيالِ المشرقيْ

خلفَ تماثيلِ محاربيها
وردٌ مذبوحٌ
دمُهُ مقامُ الصبا

والعربيةُ في هوائها
شَبَحٌ يمدُّ لسانَهُ إلى الماضيْ

- كم الساعة؟
- السادسة
- صباحاً أم مساءً؟
- صباحٌ يُمسِّيْ علينا
- أينَ نحنُ؟
- في آخرِ المنامْ

14/1/2014
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



موقع دحنون:

http://www.dahnon.org/archives/7282


اللوحة: تشكيل لحمد الحناوي

الأحد، 13 أبريل 2014

لم أعد أحداً




أعرفُ هذا الغروبَ الذي يغفو على ظهرِ كلبٍ أشقرْ

أعرفُ تلكَ الغيمةَ الشبقةَ مثلَ ثيابِ مراهِقة

أعرفُ هذه الجدرانَ الطفوليةَ البيضاءْ

أعرفُ رائحةَ النظافةِ التي تتنزَّهُ عاريةً أمامَ المحلاتِ

كما أعرفُ قبضةَ القطِّ المحفورةَ

فوقَ الرصيفِ المفضيْ إلى البناية

هذه قريتي!

لكنْ أينَ الحجارةُ المغسولةُ بالدخانِ؟

وأينَ رائحةُ البارودِ القريبة؟

أينَ أخي وقد كنا واقفَين على الشرفةِ بانتظارِ الذبحْ؟

أينَ أصابعُ الأطفالِ الممزقة؟

هل أخطأتِ القذيفةُ دربها اليومَ؟

أم أن رصاصةَ قناصٍ أصابتْ ذاكرتي؟

وراء شرفةِ الوقتِ أفركُ عينيَّ

أمدُّ إصبعيْ إلى كأسِ وردةٍ كي أستعيدَ معنى الحياة

ألمسهُ فيصبحُ رملاً

وإصبعيْ حجراً

أنا في ضاحيةٍ قربَ باريسَ منذ عامٍ

لكنها قريتي

ربما هي مرآة قريتي التي بي

ربما مرآة تلكَ التي لم أزل بها

لكنها زالت!

ربما ربما

أما الأكيدُ فيثبتهُ ممرٌّ مظلمٌ أمامَ بابِ الشقة:

أنا لم أعدْ أحداً

ـــــــــــــــــــــــ

المستقبل- ملحق (نوافذ)

http://www.almustaqbal.com/v4/Article.aspx?Type=NP&ArticleID=613297